المجتمعات المعيشية :
الصلة المعقدة بين النبات والحيوان تسمى العلاقة البيئية . ويقرر المناخ والمحيط الطبيعي إلى حد كبير هذه العلاقة البيئية . ففي كل مجتمع يوجد ترابط معقد بين النبات والحيوانات وغير ذلك من الأجهزة . فالحيوانات والنباتات تعتمد الواحدة على الأخرى للغذاء . فالنبات يحول الطاقة الشمسية إلى نشا وسكر وتأتي الحيوانات الراعية فتأكل النبات والأعشاب ، ثم تأتي الحيوانات آكلة اللحوم فتأكل الحيوانات الراعية . وبقايا الحيوانات والنباتات ومخلفاتها تبقى ملقاة على الأرض حيث تنحل وترجع إلى عناصرها البسيطة ، وبالإختلاط مع المعادن وغير ذلك من أنواع الجماد ، يستخدمها النبات لكي ينمو مجددا . وهذه الدورة تعرف بإسم (( سلسلة الغذاء)) . وعندما تكون الحيوانات والنباتات قسما من عمليات وسلاسل غذاء معقدة ندعوها (( الإشتراك الغذائي )) ، وهذا بدورة يكون أساسا بناء المجتمع المعيشي.
المنافسة :
الإشتراك الغذائي مكون من نباتات وحيوانات تتنافس على مستويات مختلفة . فالنباتات تتنافس للوصول إلى مكان تحصل فيه على نور الشمس ، كما تتنافس للحصول على المواد الخام كالماء والمعادن التي تحتاجها للنمو . ولاحيوانات آكلة الأعشاب تتنافس على النباتات والأعشاب التي ترعها وتتغذى بها ، وآكلات اللحوم تتنافس على الحيوانات الأخرى التي تقتات عليها .
البناء المجتمعي :
المجتمع المعيشي مكون من مستويات مختلفة من التنظيم ، وبين غالبية هذه المستويات يوجد نظام إجتماعي صارم إلى حد ما ، ويحافظ على هذا النظام الصارم صراع مستمر بين أفراد كل جماعة .
المخلوقات المنفردة :
النباتات لا تعتبر عادة أنها تعيش كجماعات ، إلا أنها هامة جدا في بناء المجتمعات . فبصفتها مخلوقات منفردة توفر الأشجار مأوى ومصدر غذاء لنباتات وحيوانات أخرى .
وبعض الحيوانات ، مثل الزاق والأفاعي تعيش حياة منفردة كذلك .
الجماعات العائلية :
كثير من الحيوانات تعيش في مجموعات عائلية . وقد تكون المجموعات صغيرة تضم الوالدين والأولاد أو مجموعات كبيرة تضم عدة إناث للتوليد ، وهذه الأجناس التي تعيش مجموعات تفرق بين الذكور والإناث ، والتزاوج لا يتم إلا في موسمه . وتتبع هذه المجموعات نظاما إجتماعيا صارما ، فيكون هناك ذكر مسيطر وعدد من الإناث تحت تصرفه . والذكور البالغة تتنازع عادة على مركز السيطرة ، وهذا يعني بالنتيجة أن أقوى الذكور هم الذين يقومون بتلقيح الإناث ، لأنهم مرجحون لأن يكونوا أكثر إنتاجا للذرية . وجميع الأفراد من جنس واحد الذين يعيشون ضمن المجتمع الواحد يدعون (( السكان)) وكثير من الحيوانات تعيش عيشة إنفرادية ولا تجتمع إلا في مواسم التزاوج.
البقاء سوية :
بعض أنواع (( السكان )) يعيشون معا أكثر الوقت . وأنواع عديدة من الطيور والثدييات الظلفية والسمك وجدا أن القاء سوية والإلتفاف ضمن القطيع هو وسيلة دفاع فعالة ضد الحيوانات المفترسة وهذه الجماعات او القطعان تتحرك على الدوام وتظل في حالة تغير على أن الحيوانات المفترسة تتبعها أينما رحلت لكي تظل (( سلسلة الغذاء)) متواصلة . وثمة أنواع عديدة من المخلوقات طورت لنفسها أساليب مجتمعية معقدة . وبين هذه الأنواع النحل والنمل وثدييات مثل الأرانب والإنسان نفسه .
البحث عن الزوج :
جميع الكائنات الحية تتزاوج وتتوالد إذا أرادت أن تبقى على وجه الأرض . وهناك نوعان أساسيان من التوالد والتكاثر : التوالد اللنزواجي والتوالد الجنسي ، أو التناسلي . التوالد اللانزواجي يعني ان الحيوان لا يحتاج إلى البحث عن زوج . فكثير من أجناس الخلية الواحدة تتكاثر بهذه الطريقة ، فتنقسم إلى قسمين متشابهين تماما عندما تصير بالغة وهذه الطريقة في التكاثر تعني أن الحيوانات تكون جميعها متشابهه ، وكل بالغ منها يستطيع ان ينتج اثنين على شاكلته يحلان محله.
التوالد الجنسي أو التناسلي :
الاسلوب الأكثر شيوعا هو التوالد الجنسي . وهذا يتطلب خليتين تتحدان معا ، إذ أن كل خلية تحتوي على نصف المواد الوراثية اللازمة لإنتاج نسل جديد. إحدى الخليتين اكبر من الأخرى ولا حاجة لها للتحرك وهي خلية البويضة أما الخلية الأخرى فأصغر بكثير ، ولها ذنب طويل كالسوط وهذه هي الجرثومة المنوية . البويضة تفرزها أنثى الحيوان ، والجراثيم المنوية من الذكر . وعندما تتحد البويضة والجرثومة المنوية تجتمع العناصر الوارثية خصائص من الأم والأب. بعض الحيوانات تستعمل الطريقتين أعلاه في التناسل فالمرجان وأشباهه من المخلوقات المائية تتواتر بين أطوار اللانزواجية والجنسية في دروتها الحياتية . وأثناء التطور اللانزوجي ينتج الحيوان (( برعما)) على جانب الكتلة المكونة ، ويصبح هذا البرعم مخلوقا إضافيا . وقد تصبح هذه المخلوقات الإضافية مستعمرة قائمة بذاتها. أما في الطور التناسلي الجنسي فهي تطلق مخلوقات هلامية تحمل بويضات وجراثيم منوية تتحد في الماء وتصبح يرقانات تنمو وتتحول إلى مخلوقات جديدة . ديدان التراب والبزاق وأمثالها خنثوية ، أي تحمل كل واحدة منها أعضاء تناسلية أنثوية وذكرية يمكنها أن تنتج بويضات وجراثيم منوية وأي حيوانين بالغين منهم يمكن أن تتوالد .
المغازلة :
كثير من الحيوانات تتزواج فقط في أوقات معينة من السنة حينما تجتمع وفي أحيان كثيرة تتبع الحيوانات طرقا معقدة في المغازلة . الذكور عادة تتنافس على الإناث ، وكثيرا ما تكون الذكور أكبر حجما وأكثر ألوانا من الإناث ، فالطاووس الذكر يجر ذنبا طويلا من الريش الملون ، يفتحه بشكل مروحة جذابة عندما يريد ان يلفت نظر الأنثى ، التي تكون أقل بهرجة منه . وتستعمل الحيوانات كذلك أصواتا مختلفة لإستمالة أزواجها . فالضفادع تنق والعصافير تغرد . وبعض الحيوانات تلجأ أحيانا إلى إطلاق روائح خاصة لإجتذاب أزواج فالروائح التي تطلقها بعض الحشرات تصل إلى مسافات بعيدة حيث تستنشقها الأزواج العتيدة وتسارع إلى تلبية النداء . كذلك العديد من الثدييات تصدر عنها روائح خاصة في مواسم التلقيح والتزاوج وهذه الروائح تصدر عن الذكور وعن الإناث، وتعني غالبا أن الحيوانات حاضرة للتزاوج. أكثر الحيوانات تلجأ غلى أساليب خاصة للتزاوج ، مع تغيير ألوانها أو إصدار روائح خاصة ، مقرونة بسلوك خاص لهذه المناسبات قود يكون هناك (( مشية )) أو رقصة ، أو مبارزة بين ذكرين تكون فيها الإناث من حظ الفائز. وثمة أسباب عديدة للمغازلة فهي تبين أيا من الحيوانات قد بلغ أشده وأصبح مستعدا للتزاوج ، كما تبين قدرته الجسدية على ذلك وأكبر فوائد المغازلة ربما كانت لتشجيع التزاوج والتناسل . ولدى العناكب وفرس النبي ((Praying Mantis)) من الضروري جدا أن يتبع الذكر أساليب المغازلة الصحيحة ، وإلا فقد تخطيء الأنثى وتظن أنه إحدى فرائسها وتأكله !
العناية بالصغار :
السبب في عناية الأهل بالصغار هو للتأكيد من أن بعض المواليد تعيش حتى تبلغ سن النضوج ، ولا تكرس كل الحيوانات نفس الجهد والعناية لصغارها ، إذ أن ذلك يتوقف على عوامل عديدة . فالحيوانات القصيرة العمر قد لا تكرس أي وقت لهذا الأمر ، كذلك عدد المواليد قد يؤثر على مقدار العناية ونوعيتها. فالحيوانات التي تضع أعدادا كبيرة من المواليد كل سنة تصرف وقتا أقل بكثير للعناية بمواليدها.
القليل أو الكثير :
قد تترك الحيوانات بيوضها في أوقات مختلفة من التطور . فبيض العديد من حيوانات البحر والماء العذب تترك لتفقس بدون أي اهتمام أو عناية من الأهل . وقد تضع الأنثى آلاف البيوض في كل موسم تزاوج . وأكثر هذه البيوض تذهب غذاء لحيوانات تقتات بها وما يتبقى عليها أن تتنافس لكي تظل على قيد الحياة ولكن إنتاج هذه الآلاف من البيوض يؤمن وصول بعضها على الأقل إلى سن البلوغ . وكلما زاد وتحسن تطور المخلوق الجديد عند ولادته زادت إمكانيات بقائه وقدرته على بلوغ سن النضج . والحيوانات التي تنتج بعض المواليد فقط تستطيع ان تولى عناية أكبر لكل منها . فالأهل قادرون على تأمين قدر معين من الغذاء ، وإذا قل عدد الصغار زادت كمية الغذاء لكل منها . والعناية الطويلة تعني عادة إقلالا في عدد المواليد ولكن إمكانية بلوغ هذه المواليد عمر النضوج تكون أكبر وأفضل. والبيئة كذلك قد تؤثر على عدد المواليد ففي المناطق الباردة حيث ظروف الحياة صعبة والغذاء غير متوفر بسهولة نجد أن الحيوانات تضع أعدادا قليلة من المواليد وغالبا ما تكتفي بواحد فقط كل موسم . فهي تحتاج إلى الكثير من العناية ، إلا أنها تنمو بسرعة وفي بعض أجناس السمك يلعب الذكر دورا هاما في العناية بالبيض وحمايته . فالذكر في بعض الأنواع يبني عشا تضع فيه الأنثى بيوضها ، وبعد إخصابها يتولى الذكر حمايتها ، وحصان البحر الذكر يعني بالصغار والأنثى تضع البيض في (( حقيبة)) خاصة بذلك لدى الزوج فتلوى هو حمل البيوض بينما تتطور . وعندما (( يفقس)) البيض تنفتح ((الحقيبة)) ويخرج الصغار سابحين . والحيوانات التي طورت أساليبها المعيشية الإجتماعية تعتني عناية كبيرة بتربية صغارها . فأنثى تمساح النيل تضع بيوضها في حفرة في رمال الشاطئ ، فوق مستوى ماء النهر ، فتتطور البيوض على حرارة مستقرة إلى حد ما بسبب كونها مطمورة بالرمل . وعندما توشك أن تفقس تصرخ التماسيح الصغيرة منادية من داخل البيضة وصراخها يسمعه الوالدان على بعد بضعة أمتار فتحفر الأم الرمل وتنبش البيض فيخرج الصغار منه فيحمل الولدان الصغار في شدقيهما الواسعين وينقلانهما إلى منطقة الحضانة قرب النهر وقد تظل عائلة تمساح النيل معا لحوالي سنة كاملة والطريقة التي يتصرف فيها الصغار تجعل الأهل يؤمنون الطعام والعناية .